الباحثة دولت طليس
إعداد دكتوراه في الفلسفة
جامعة القديس يوسف في بيروت
يبدو المشهد الانتخابي في قضاء عكار، كتاريخ يعيد ذاته، لا ينتج واقعاً جديداً على صعيد الحل والانتقال من حال المهمّش الى حال الانماء.
ففي كلّ موسم انتخابي، وكأننا أمام موسم قطاف الزيتون من خلال ممارسة الأفكار الرأسمالية التي تُخفي الواقع المأساوي الذي عاشه المجتمع العكّاري على مدى ثلث قرن والتمثيل النيابي لهذا القضاء لم يُنتج واقعاً أفضل يُعيد للإنسان الحياة بل يعمل على طمس الحقائق والتقرّب من الناس في هذه الأوقات بشدّة، فيشاركهم في أفراحهم وأتراحهم. وللأسف عند دخول الزعيم القرية، تُنحر الخراف على شرفه، كما يرقصون الفقراء على موجات بؤسهم، من شدّة الفرح بمقابلتهم الزعيم على أرض الواقع…
وهنا نتساءل لماذا تُنحر هذه الخراف وحماسة اللقاء؟
تقديراً لانجازاتهم أم الخوف والتبعية والجهل الي يعتليهم؟
نعم يبدو هذا الموسم الانتخابي كسابقه، وكأنه مسرحٌ مفتوح على مشهد واحد، السياسيون يعودون الى الساحة نفسها حاملين الشعارات والوعود، والمقترعون يستقبلونهم بالفرح والحماس، رغم مرور العقود الا أنً التنمية لا زالت مجمّدة وحلم.
ومن هنا تتشكّل تراجيديا الوعي: تراجيديا تضع الانسان العكّاري بين وعيه العميق لوجوده وحقوقه وكرامته، وبين وعي انتخابي لحظيّ يُعاد انتاجه تحت وطأة الحاجة.
هناك الأنطولوجي الغائب: يجعلنا نتساءل هل العكّّاري الآن يُدرك وجوده بوصفه قيمة، وحقّه في العيش الكريم والتنمية والعدالة. جلّه تزفيت الطرقات!
لنستيقظ قليلاً من هذا الغياب، لنسترجع الوعي الذي دُفن تحت ركام الإهمال المزمن. سنرى بعد هذا الاستيقاظ البنى التحتية المتآكلة والمستشفيات الغير مجهّزة والطرقات المحفّرة، والغير مزفّتة حتى اللحظة، والمدارس التي تحتاج الى إعادة تجهيز بما يتطلّب عصر التطور والتكنولوجيا…
وكأننا نعيش الآن في مشهديّة الغياب التّام للسياسي الإنمائي.
نحن لسنا بحاجة الى سياسي تقليدي يُعيد تدوير الخطابات والوعود الفارغة.
بل نحتاج الى نيتشاوي سياسي، يملك إرادة قوّة حقيقيّة لتغير هذا الحال المأساوي، الذي يعيد عكّار جزءً من لبنان الدولة وليس لبنان المهمّش المنسيّ على خارطة الوطن رغم خزّان الجيش والضحايا المنحدرين من هذه الأرض والقوى العاملة والفاعلة على امتداد الوطن.
نحتاج الى سياسي يرى في عكّار ليست كخزّان بشري انتخابي، بل مجالاً لخلق انماء جديد.
انّ عكّار تاج الوطن، كونها تحتلّ موقعاً جغرافياً على الخريطة. والتاج يُصان وتحفظ كرامة شعبه، وليس للاستغلال وامتصاص الوعي من الجمهور.
نعم نجد أنّ الوعي الانتخابي يطمسه الاعلام. في عكّار أيضا نجد بعض الإعلاميين يجعل المرشّح بطلاً لمجرّد ظهوره المتكرّر في المناسبات، يحوّل الإهمال الى انجاز والوعد الفارغ الى مشروع. انه بهذا يحوّل دوره من كشف الواقع الى تستير الخراب والتلاعب بعقول الجمهور والتأثير على اختيارهم. لذا نتمنى على الاعلام القيام بدور صناعة الوعي وليس طمس الواقع واخفائه مقابل حفنة من المال.
التراجيديا الآن تصرخ عالياً عن الانفصام القائم بين الوعي الانطولوجي الذي يصرخ مطالباً بالكرامة والتنمية واستعادة الحياة لهذا القضاء المهمّش.
والوعي الانتخابي الذي يئنّ تحت وطأة العوز والتبعية والخوف، ما يدفعه الى بيع صوته المتعب المهمش مقابل الاختيار الصحيح الذي يضمن له البقاء والعيش الكريم.
ومن هنا يجب أن نتساءل كيف يتحقّق التغيير في هذا الموسم الانتخابي؟
وعليه نصل الى خلاصة يقينية، أنّ التغيير في عكّار لا يبدأ من السياسيين، بل من استعادة العكّاري لوعيه الأصيل، وعيه بوجوده كقيمة غير قابلة للبيع او المقايضة. فالمطلوب الان كما قال المفكّر المغربي عبد الله العروي ثورة معرفة وليست ثورة غضب.
يجب تفادي الوقوع في ذات الفخ، لان التنمية ليست منّة من السياسي بل هي واجب كونه يمثّل شريحة كبيرة على هذه الأرض.
# عكّار المنسيّة
# الباحثة دولت طليس
تراجيديا الوعي الانطولوجي والوعي الانتخابي للمقترع في عكار

طعمة يلتقي الجندي: تنسيق سياسي ودعم لترشيح طعمة في طرابلس
حينَ يُقرَعُ جرسُ الجنوب… هل تُعادُ كتابةُ خريطةِ الوطن؟
لبنان… الرواية التي لم تكتمل
حين تصبح المناصب لعنة… لا خدمة للوطن
أزمة التمثيل السني بعد الانتخابات النيابية
أهالي عكّار: الانتخابات البلدية فرصة لا يجب أن نُهدرها
ميقاتي أشاد بتنفيذ الحكومة الحالية مشاريع وضعت في عهد حكومته ومن ضمنها تأهيل طريق المطار واستحداث الممر السريع
وزير الإعلام بول مرقص: خطوات إصلاحية مرتقبة ومعالجة للفجوة المالية