أخبار محلية

“حين يقف الجيش… تستقيم البلاد”


د. علا عيد

في الزمن الذي تتشظّى فيه الحقيقة بين مصالح صغيرة وضوضاء أكبر، يبقى هناك ثابت واحد لا يتغيّر: الجيش اللبناني. هذا الجسم الذي تعلّق عليه البلاد كل ما تبقّى من رجائها، وتستقر فيه فكرة الدولة حين تتزعزع كل الأفكار الأخرى. وحين نتحدّث عن الجيش، فإننا نتحدّث عن مؤسسة لا تخضع لمزاج الأفراد، ولا ترتجف أمام التجاذبات، بل تبقى واقفة لأن وقوفها هو خط الدفاع الأخير عن معنى لبنان نفسه.

اليوم، يبرز اسم العماد رودولف هيكل في لحظة حسّاسة، ليس بوصفه قائداً فحسب، بل بوصفه رمزًا للرصانة والاتزان. في زمن يتوه فيه الخطاب، وتتكاثر فيه الضوضاء من كل صوب، يمثّل الرجل نموذجًا للهدوء الذي يعرف تمامًا متى يتقدّم ومتى يصمت، وكيف يبقى وفيًّا للمؤسسة ولرسالتها دون أن ينزلق إلى الشعارات أو المزايدات.

لقد أثبتت التجارب أن الدول الصغيرة تعيش فقط عندما تمتلك مؤسسة عسكرية كبيرة بمعناها، قوية بأخلاقها، ثابتة بانضباطها، وعميقة بانتمائها. والجيش اللبناني، رغم كل ما يواجهه، لا يزال يحمل هذه المواصفات. يكفي أن ينهض في أصعب اللحظات ليعيد التوازن، ويمنح الناس شعورًا أن هناك من يحرس الليل الطويل في هذا الوطن.

ليس المطلوب اليوم مديحًا، بل اعترافًا بما هو حقّ: أنّ لبنان يحتاج جيشه أكثر من أي وقت مضى، ويحتاج قيادته الحكيمة أكثر من أي خطاب سياسي عابر. يحتاج رجالًا يعرفون أن السلطة ليست سقفًا بل مسؤولية، وأن القوة لا تُمارَس إلا بقدر ما تخدم الناس وتحمي الاستقرار.

لقد أثبت العماد رودولف هيكل أنّ القيادة ليست صخبًا، بل هدوءٌ يعرف طريقه. وليست استعراضًا، بل ثقة تولد من العمل الصامت والانضباط الصارم. وليست موقعًا، بل قيمة تُقاس بقدرة القائد على حماية البلاد من اهتزازات الداخل قبل أخطار الخارج.

إن الوقوف إلى جانب الجيش اليوم ليس خيارًا سياسيًا، بل واجب وطني وأخلاقي. فمن دون المؤسسة العسكرية لا يبقى سوى غبار الانقسامات. ومن دون قيادة حكيمة لا يبقى سوى الفوضى. ومن دون دعم الناس، لا يبقى للوطن عمود يستند إليه.

ليُرفع الصوت بوضوح: نحن مع الجيش… ومع قيادة تعرف كيف تُبقي لبنان واقفًا.
ومع كل يد مخلصة تشدّ على يد العماد رودولف هيكل في أصعب مرحلة تمرّ بها البلاد.

فالجيش ليس مؤسسة فقط، بل آخر رواية تحفظ ما تبقّى من معنى الوطن.

— الدكتورة علا عيد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى