سياسة ومحليات

حرب السرديات بين إسرائيل وإيران: صورة تنتصر وشعارات تتهاوى

*حرب السرديات بين إسرائيل وإيران: صورة تنتصر وشعارات تتهاوى*

*بقلم: ميراز الجندي | كاتب ومحلل سياسي*

ميراز الجندي كاتب ومحلل سياسي



لم تعد حروب الشرق الأوسط تدار فقط بالبندقية، بل بالكاميرا والمنصة. في هذا المشهد المزدحم بالدم والدعاية، برزت إسرائيل وإيران كنموذجين متقابلين في إدارة ما يُعرف بـ”معركة السرديات”، حيث يحاول كل طرف تسويق نفسه كضحية أو بطل في مواجهة الآخر، مستخدمًا أدوات الإعلام والتأثير النفسي.

*إسرائيل: استثمار الصورة لكسب الرأي العام*

رغم كونها قوة احتلال، نجحت إسرائيل في هندسة صورتها عالميًا كضحية لهجمات خارجية. عرضت صور الدمار في مدنها، واستثمرت الصواريخ التي تسقط في شوارعها لخلق تعاطف دولي، في سياق مدروس يبرر ضرباتها العسكرية تحت شعار “حق الدفاع عن النفس”. إنها معركة إعلامية محسوبة بعناية، تحوّل العدوان إلى دفاع، وتستثمر الألم لكسب الشرعية.

*إيران: سقوط الخطاب تحت ركام الوقائع*

في المقابل، تآكل الخطاب الإيراني القائم على “المقاومة” بفعل تناقضاته. شعارات تحرير القدس بدت جوفاء أمام دعم ميليشيات طائفية في دول عربية. من العراق إلى اليمن، خلفت السياسات الإيرانية انقسامات ودمارًا، فخسرت القدرة على إقناع حتى جمهورها التقليدي. السردية التي بدأت تحت راية التحرر، انتهت متورطة في تمزيق المجتمعات.

*الإعلام الرقمي: إسرائيل تُجيد اللعب، إيران تتعثّر*

في العصر الرقمي، تملك إسرائيل أدوات الوصول والتأثير، بينما تتراجع إيران في قدرتها على تقديم خطاب يُقنع أو يُلهم. إسرائيل تُظهر وتبني سرديتها عبر العلن، بينما تلتف إيران حول شعارات لم تعد تنطلي حتى على أقرب حلفائها. النتيجة: إسرائيل تفوز في الصورة، إيران تخسر في المضمون.

*الشعوب العربية: لا تبرئة للمعتدي ولا للمخترق*

الشعوب العربية باتت أكثر وعيًا. لا تصدق إسرائيل المحتلة، ولا إيران المتمددة بمشروع مذهبي. في نظرها، الطرفان وجهان لمعادلة الفوضى. ولهذا، لا انتصار لأحد منهما هو خلاص، بل هزيمتهما معًا هي السبيل لإنهاء دوامة النزيف.

*الخلاص يبدأ من فلسطين*

الحقيقة التي يغيبها السجال: لا استقرار دون حل عادل للقضية الفلسطينية، بقيام دولة مستقلة على حدود 1967. ذلك وحده يُسقط شعارات طهران ويفضح ازدواجية تل أبيب. فلا مقاومة حقيقية من دون عدالة، ولا أمن مزعوم تحت الاحتلال.

*في الختام*، وسط الضجيج الإعلامي، تبقى العدالة واضحة لمن يريد أن يراها. إسرائيل ربحت مشهد الصورة، لكنها خسرت المبدأ. إيران خسرت الصورة والمضمون معًا. وفي النهاية، يبقى صوت الشعوب الباحثة عن كرامة وحرية هو صاحب الكلمة الفصل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى