Site icon عكّار أولاً

الجامعة اللبنانية في عكار: رافعة سوسيو–تنموية لبناء العدالة المكانية

الجامعة اللبنانية في عكار: رافعة سوسيو–تنموية لبناء العدالة المكانية

بقلم الدكتورة علا عيد

إن وضع حجر الأساس للجامعة اللبنانية في عكار يتجاوز كونه فعلًا إنشائيًا أو خطوة بروتوكولية؛ إنه حدث يحمل في طياته دلالات سوسيو–تنموية عميقة. فالمجتمع الذي حُرم طويلاً من أبسط مقومات الدولة، يجد اليوم في الجامعة الرسمية فرصة لإعادة صياغة علاقة الأطراف بالمركز، وإرساء أسس تنمية متوازنة تعيد لعكار مكانتها في الخارطة الوطنية.

1- الجامعة والعدالة المكانية

لطالما شكّلت عكار نموذجًا صارخًا لما يسميه علماء الاجتماع بـ التهميش المكاني؛ حيث تركزت الخدمات الأساسية في بيروت والمدن الساحلية، فيما تُركت الأطراف في دوائر النقص والحرمان. إن افتتاح فروع للجامعة اللبنانية هنا يرمز إلى إعادة توزيع عادل للموارد المعرفية، ويحوّل التعليم العالي من امتياز طبقي–مكاني إلى حق جماعي متكافئ.

2- رأس المال البشري كقاطرة للتنمية

لا تنمية من دون بناء الإنسان، ولا بناء للإنسان من دون تعليم نوعي. إن وجود الجامعة اللبنانية في عكار يعني:

وقف نزيف الهجرة التعليمية وما يرافقه من استنزاف اقتصادي–اجتماعي.

خلق بيئة علمية–بحثية قادرة على معالجة خصوصيات المنطقة الزراعية والبيئية.

تحويل الشباب من متلقين للمساعدات إلى منتجين للمعرفة ومؤسسين لمشاريع تنموية.


3- الأثر السوسيو–اقتصادي

الجامعة ليست مؤسسة تعليمية فحسب، بل هي محرك اقتصادي–اجتماعي شامل. فوجودها في عكار سيفرز دينامية جديدة:

فرص عمل مباشرة في التدريس والإدارة والبحث.

فرص غير مباشرة في الإسكان، الخدمات، النقل، والتجارة.

نشوء فضاء عام جديد يعيد الاعتبار لحلبا كمركز إداري–علمي جامع، ويحدّ من النزاعات الصغيرة التي أنتجها التنافس على موارد شحيحة.


4- وحدة الموقف كشرط للنهضة

الدرس المركزي الذي يجب استخلاصه هو أن وحدة الموقف بين الفاعلين السياسيين والاجتماعيين قادرة على تحويل المطالب إلى إنجازات. فالجامعة اللبنانية في عكار لم تكن لتصبح واقعًا لولا التقاء مختلف القوى حول أولوية واحدة. إن هذه التجربة تضعنا أمام معادلة واضحة:

> حيث تتوافر الوحدة، يولد المشروع التنموي؛ وحيث يسود الانقسام، يتكرّس الحرمان.



خاتمة

إن حجر الأساس الذي وُضع اليوم في عكار ليس حجرًا في جدار بناء جامعي فحسب، بل هو حجر في جدار بناء مجتمع جديد. فالمعركة الحقيقية لا تكمن في الاحتفال بالخطوات الرمزية، بل في ضمان التنفيذ، وتسريع الوتيرة، وربط الجامعة بمسار شامل للتنمية المحلية.
إنها بداية طريق طويل، لكنه الطريق الصحيح نحو عكار أكثر عدالة، أكثر معرفة، وأكثر اندماجًا في مسار النهضة الوطنية.

Exit mobile version