أخبار دولية

لبنان بين فوضى الأسلحة والسيادة الوطنية: هل آن الأوان للقرار الحاسم؟

*لبنان بين فوضى الأسلحة والسيادة الوطنية: هل آن الأوان للقرار الحاسم؟*

بين ضبط الحدود، وهتافات العمالة للجيش !

ميراز الجندي كاتب ومحلل سياسي:




لطالما كان لبنان نقطة جذب للتوترات الإقليمية والصراعات الدولية، لكنه اليوم يواجه تحديات غير مسبوقة تتعلق بسيادته وأمنه. الأحداث الأخيرة على الحدود اللبنانية، سواء في الجنوب أو في الشمال الشرقي، تكشف عن واقع مؤلم: حزب ال،له لا يزال يحتفظ بأسلحة وموارد عسكرية في مناطق استراتيجية، ما يهدد استقرار الدولة اللبنانية ويجعل من لبنان ساحة مفتوحة لتدخلات ونفوذ خارجي. في الجنوب، قامت إسرائيل بمصادرة أسلحة تعود للحزب، بينما في الشمال الشرقي، حيث تقع نقاط التهريب والمناطق الحدودية مع سورية، تروج ميليشيات الحزب للمخدرات والكابتجون تحت غطاء عائلات وعشائر، مع استمرار عمليات التهريب.
هذا الوضع يعكس حالة من التهميش لسيادة الدولة اللبنانية ويعزز النفوذ الإيراني في البلاد.

هل من الحكمة إبقاء الأسلحة خارج نطاق الدولة؟



السؤال الذي يطرحه المواطن اللبناني اليوم: ألا يُعتبر من الأفضل للبنان ولشعبه أن تُسلم هذه الأسلحة للجيش اللبناني؟ هل يعقل أن تظل الأسلحة التي تهدد الأمن الداخلي للبنان خارج إطار سيطرة الدولة، مما يفتح الباب للتدخلات الإقليمية ويجعل من لبنان ساحة للتصفية السياسية والمصالح الخارجية؟ إن استمرار الوضع الحالي، الذي يسمح بوجود ميليشيات مسلحة تقاتل بالوكالة لصالح إيران، لا يؤثر فقط على لبنان داخليًا بل يعرضه أيضًا لمخاطر كبيرة على المستوى الإقليمي والدولي.

الارتباط الإيراني: تهديد للأمن اللبناني



أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل من هذا الوضع غير مقبول هو الارتباط الوثيق بين حزب ال،له وإيران. هذه العلاقة التي تتجاوز الحدود الوطنية وتضع مصالح إيران فوق مصالح الشعب اللبناني، تساهم في جعل لبنان ساحة للصراع الإقليمي. ما يسعى وسعى إليه الحزب اليوم وبالسابق، في الواقع، ليس بناء الدولة اللبنانية أو تحسين الظروف الاقتصادية لمواطنيه، بل تعزيز مصالحه الخاصة مع إيران حتى لو كان ذلك على حساب استقرار البلاد.



ماذا يعني هذا؟ يعني أن هناك تصعيدًا متعمدًا للفوضى في لبنان، حيث تستمر التدخلات الخارجية في تشكيل ملامح الواقع السياسي والأمني، مما يضعف قدرة الدولة اللبنانية على فرض سلطتها. يزداد الأمر تعقيدًا عندما نرى أن القوى التي تمثل سيادة الدولة وتبحث عن الحلول الوطنية تتم محاربتها، في حين تستمر الأطراف المسلحة في تصعيد نشاطاتها العسكرية، وتلعب دورًا غير مشروع في إدارة شؤون البلاد.

إجراءات حاسمة: متى تبدأ الدولة بتنفيذ القرارات الدولية؟



إن ما يجب أن يتوقف عنه الجميع اليوم هو الرهانات على الأسلحة غير الشرعية التي تساهم في زعزعة استقرار لبنان، وتؤدي إلى انهيار مؤسساته.
المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الدولة اللبنانية، التي يجب أن تبدأ باتخاذ خطوات عملية في مصادرة الأسلحة غير الشرعية وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، وفي مقدمتها القرار 1559 ,1680و1701. هذه القرارات التي تدعو إلى نزع الأسلحة من جميع المجموعات المسلحة في لبنان، وفرض سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، لم تُنفذ بعد، ما يعكس تقاعسًا في تنفيذ التزامات لبنان تجاه المجتمع الدولي.



إضافةً إلى ذلك، يجب على السلطات اللبنانية أن تلتزم بتنفيذ وثيقة الحوار الوطنيالتي تم توقيعها في بعبدا، والتي تنص على ضرورة نزع الأسلحة غير الشرعية وحصرها بيد الدولة اللبنانية. هذا الخيار لا يتطلب فقط قرارًا سياسيًا حازمًا، بل أيضًا إرادة حقيقية من جميع الأطراف السياسية اللبنانية لإنهاء هذه الظاهرة التي أضرت بسمعة لبنان على الساحة الدولية.

الجيش اللبناني: حجر الزاوية في استعادة السيادة

من الضروري أن يدرك اللبنانيون جميعًا أن الجيش اللبناني هو الجهة الوحيدة القادرة على الحفاظ على أمن البلاد واستقرارها. فالحلول العسكرية على يد الميليشيات أو القوى المسلحة لا تضمن الاستقرار، بل تعزز الفوضى والتخريب. يجب أن يكون كل سلاح موجود في لبنان تحت إشراف الجيش اللبناني، الذي يعتبر الركيزة الأساسية لتحقيق سيادة الدولة وحمايتها من أي تهديدات خارجية أو داخلية.

إن استمرار الوضع الحالي دون تدخل حاسم من الدولة سيؤدي إلى مزيد من التفكك والضعف. فلبنان بحاجة إلى سيادة كاملة، إلى دولة قانون، وإلى مؤسسات حرة تلتزم بالقوانين الدولية وتضع مصلحة المواطن اللبناني في المقام الأول.

خلاصة: الحل يكمن في إرادة وطنية حقيقية

لبنان اليوم أمام مفترق طرق. لا يمكن الاستمرار في هذا الواقع القائم على تغاضي الدولة عن الأسلحة غير الشرعية التي تهدد استقرار البلد، ولا يمكن السماح بأن يظل لبنان ساحة مفتوحة للتدخلات الإقليمية. الحل يكمن في إرادة وطنية حقيقية، تقودها السلطة اللبنانية لتطبيق القرارات الدولية، وتعزيز دور الجيش اللبناني كحامي للحدود، والشرعية، والسيادة.

إن استعادة الدولة اللبنانية لسلطتها على جميع أراضيها تتطلب تطبيق الحلول الجذرية التي تبدأ من نزع الأسلحة غير الشرعية، وتفعيل قرارات الحوار الوطني، وصولًا إلى تسليم كافة الأسلحة غير الشرعية إلى الجيش اللبناني. لبنان يحتاج اليوم إلى القرار الحاسم الذي يقطع الطريق أمام الفوضى والانقسام، ويعيده إلى حضن الاستقرار والسلام.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى